المشكلــة ليســت المحكمة الدولية بـل المذهــب المسلــح
د نسيب حطيط
بدأت تنكشف أهداف اغتيال الرئيس الحريري الحقيقية،و معرفة الفاعلين من خلال ما كشفه النائب السابق مصطفى علوش عندما صرح لصحيفة "البيان" الإماراتية ( بأن المشكلة ليست مشكلة المحكمة الدولية،بل المشكلة كانت قبل اغتيال الرئيس الحريري ، بوجود مذهب مسلح هو المذهب الشيعي)...
وفي قراءة هادئة لهذا التصريح لأحد قيادي تيار المستقبل الذي أفصح عن المشكلة ليبادر إلى طرح الحل، الذي أنهك المطالبين بتحقيقه ألا وهو(نزع سلاح المقاومة) الذي فشلت إسرائيل في تحقيقه بحروبها المباشرة أو عبر حربها السرية والمخابراتية بالاغتيال والفتن الداخلية.
وكان اغتيال الرئيس الحريري،القوة الدافعة والحجة المقنعة ، لاغتيال هذا السلاح الذي صار عبئا على أمن(إسرائيل)وعائقا أمام المشروع الأميركي،ولأن وطنية الرئيس الشهيد رفيق حصنته من الانخراط في مواجهة المقاومة و نزع سلاحها،و طور موقفه في اجتماعاته الطويلة مع أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله،ودعمه للمقاومة،وإلى مقاربته خيار ترك الحكم على ضرب المقاومة،فكان لا بد من تحميله ثمن الموقف الذي أتخذه ،والذي فاجأ الأميركي وحلفائه العرب،الذين ظنواأن مشروع إسقاط المقاومة بالترغيب والترهيب قابل للتنفيذ،لكن الرئيس الحريري لم يقدم على التنفيذ فكان العقاب اغتيالا له،وإستغلال الاغتيال كمدخل لإسقاط لبنان بالحرب الناعمة الدولية من بوابة(المحكمة الدولية).
المشكلة أن الأميركيين يرون أن محور المقاومة والممانعة على الساحة الدولية ينحصر في ساحة الشرق الأوسط عبر(إيران-سوريا-العراق-لبنان..فلسطين) ويديره مذهب مقاوم ينتمي إلى فكرة(كونا للمظلوم عونا وللظالم خصما)ولا بد من إسقاط هذا السلاح، وأقصر الطرق لإسقاطه وأسهلها هي الفتنة المذهبية التي تستنزف القوى في كل الساحات،ولا ترهق التحالف الأميركي-الإسرائيلي خاصة بعد ما صرح إليوت أبرامز عضو مجلس الأمن القومي الأميركي السابق(بأن القوى السياسية التي دعمتها أميركا في لبنان قد تعرضت لخسارة فادحة)وهو اعتراف ضمني بالخسارة الفادحة للإدارة الأميركية في لبنان بعد خمس سنوات من المحاولات اليائسة.
فالقضية إذن ليست كشف الحقيقة في اغتيال الرئيس الحريري،بل طمس حقيقة الفاعلين،لضمان استمرارية المشروع الأميركي لنزع(سلاح المذهب)ولكن نسي البعض ومنهم الدكتور علوش الحقائق التالية:
- إن الشيعة في لبنان آخر الطوائف المسلحة في الحرب.
- إن الشيعة آخر من دخل الحرب الأهلية مكرهين،ولم يمارسوا قذارتها،فلم يذبحوا على الهوية ولم يهجروا أحدا من الأخوة المسيحيين،بل تحملوا التهجير القسري ولم يردوا.
- إن الشهداء من(المذهب المسلح)ضد إسرائيل لم يساويه أي من الأطياف السياسية في لبنان بحكم الجغرافيا(الجنوب)ويحكم الإهمال من الدولة والعرب، وبحكم الفكر الوطني للشيعة في دعم المقاومة.
إن الصراع في لبنان ليس مذهبيا،بل هو صراع سياسي بين منهجين،أحدهما يقاوم الاستباحة الأميركية-الإسرائيلية للبنان ومنهج يرى أن السبيل الوحيد لحماية لبنان هو الانخراط في المشروع الأميركي بحجة عدم القدرة على محاربته،وإذا كان أصحاب هذا الرأي يجدون فيه حلا لمشكلة لبنان وحمايته من التوطين والتقسيم فهذا حقهم السياسي،لكن ليس من حقهم أن يساعدوا الأميركي بقصد أو غير قصد لإنهاك المقاومة عبر الصراع المذهبي،وتصوير(الشيعة)بأنهم سلاح الدمار الشامل الذي يجب استئصاله كما فعلوا وكذبوا في العراق مقدمة لغزوه، وسابقا كتب أحد الصحافيين من فريق الدكتور علوش مقالا بعنوان (الطائفة النووية)وأصبحت مشكلة هذا الفريق السياسي مشكلة (الطائفة النووية والمذهب المسلح)لفتح الطريق أمام خلايا التكفيريين المصنعة أميركيا بالسياسة ،ومن بعض فتاوى التكفير الحديثة لإحداث توازن الإرهاب أو الرعب الذي يدعو إليه جوني عبدو كل السياديين في لبنان.
نداؤنا للأخوة في 14 آذار شركائنا في الوطن وإلى الأخوة في تيار المستقبل خاصة، لعدم تبني تصريح الدكتور علوش وغيره،إنقاذا للبنان من الفتنة ووفاء للرئيس الشهيد رفيق الحريري غير المذهبي،وإلى المسارعة لاستنكاره لعدم تعبئة الشارع المحتقن أصلا...فالفتنة خسارة للجميع ولن تستثني أحدا، والرابح الأوحد إسرائيل وأميركا...؟!.